أقول: لما تقدم في سورة الشمس: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} "الشمس: 7" فصل في هذه السورة بقوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} "4، 5" إلى آخره.
وأخرت هذه السورة لتقدم ما هو أنسب بالتقديم من السور الثلاث1 واتصالها بسورة البلد لقوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} "3"، وأخرت لتقدم ما هو أولى بالمناسبة مع سورة الفجر2.
لطيفة:
نقل الشيخ تاج الدين بن عطاء الله السكندري3 في "لطائف المنن" عن الشيخ أبي العباس المرسي4 قال: قرأت مرة: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} إلى أن انتهيت إلى قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} "4، 5" ففكرت في معنى هذه الآية، فألهمني الله أن معناها5: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم رُوحًا وعقلًا، ثم رددناه أسفل سافلين نفسًا وهوًى6.
قلت: فظهر من هذه المناسبة وضعها بعد {أَلَمْ نَشْرَحْ} ، فإن تلك أخبر فيها عن شرح صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك يستدعي كمال عقله ورُوحِه، فكلاهما في القلب الذي محله الصدر، وعن