أقول: وجه اتصالها بسورة الفرقان أنه تعالى لما أشار فيها إلى قصص مجملة بقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا، فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا، وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا، وَعَادًا وَثَمُودَا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} "الفرقان: 35-38" شرح هذه القصص، وفصَّلها أبلغ تفصيل في السورة1 التي تليها؛ ولذلك رتبت على ترتيب ذكرها في الآيات المذكورة فبدئ بقصة موسى2، ولو رتبت على الواقع لأخرت كما في الأعراف.
فانظر إلى هذا السر اللطيف الذي مَنَّ الله بإلهامه.
ولما كان في الآيات المذكورة إشارة إلى قرون بين ذلك كثيرة3، زاد في الشعراء تفصيلًا لذلك قصة قوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب4.
ولما ختم الفرقان بقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} "الفرقان: 63"، وقوله: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} "الفرقان: 72"