نفحت، وأبواب الجحيم كلها لأجلكم مغلقة، وأقدام إبليس وذريته من أجلكم موثقة.
ففي هذا الشهر يؤخذ من إبليس بالثأر، وتستخلص العصاة من أسره، فما يبقى لهم عنده آثار، كانوا فراخه قد غذَّاهم بالشهوات في أوكاره، فهجروا اليوم تلك الأوكار، نقضوا معاقل حصونه بمعاول التوبة والاستغفار، خرجوا من سجنه إلى حصن التوبة والإيمان؛ فأمنوا من عذاب النار، قصموا ظهره بكلمة التوحيد، فهو يشكو ألم الانكسار، في كل موسم من مواسم الفضل يحزن، ففي هذا الشهر يدعو بالويل لما يرى من تنزل الرحمة ومغفرة الأوزار، غلب حزب الرحمن حزب الشيطان، فما بقي له سلطان إلا على الكفار، عزل سلطان الهوى، وصارت الدولة لسلطان التقوى فاعتبروا يا أولي الأبصار.
إخوتاه ..
شهر رمضان شهر التيقظ، شهر التحفظ، إخوتاه .. بين أيديكم سفر، والأعمار فيها قصر، وكلكم والله على خطر، كونوا على حذر من الجبار وقد قدر، اعرفوا قَدْرَ من قَدَر، تذكروا كيف عصيتم وستر، وأيم الله لو قمتم على البصر، وسجدتم شكرًا لله سجدتم على الإبر، ما وفيتم شكر نعمة الله ولا على نعمة الستر، أما طوى القبيحَ والجميلَ نشر؟!، أما بعضُ نعمهِ السمعُ والبصر؟!!
إخوتاه .. آن الرحيل وما عندكم خبر!، إلى كم توعظون ولا تتعظون؟!، إلى كم توقظون ولا تبصرون، أكلفتم ما لا تطيقون، أكلمتم بما لا تفهمون؟، ما لكم عن مآلكم تعرضون؟، ما هذا الفتور وأنت سالمون؟!، ما هذا الرقاد وأنتم منتبهون؟!، إخوتاه .. أدركوا أنفسكم اليوم بتوبة قبل أن يدرككم الموت .. اللَّهم ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت راحة، وبعد الموت جنة ونعيمًا.