نازلهم الخوفُ فصاروا والِهين، وناجاهم الفكرُ فعادوا خائفين.
وجَنَّ عليهمُ الليلُ فباتوا ساهرين، وناداهم منادي الصلاح: حيَّ على الفلاح، فقاموا متجهين.
وهبَّت عليهم ريحُ الأسحار فتيقظوا مستغفرين، وقطعوا بند المجاهدة فأصبحوا واصلين.
فرجعوا وقت الفجر بالأجر .. فيا خيبةَ النادمين.
إخوتي في الله ..
إن عمل الصالحات لا ينقطع عنك ما دامت فيك روح .. فعل الطاعات لا يسقط عنك ما دام يتردد فيك نَفَس .. وأيُّما وجدت خيرًا فسارع إليه وشارك .. اللَّهم ارزقنا فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين .. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار .. اللَّهم خذ بنواصينا إلى ما تُحِبُّ وترضى؛ إنك على ما تشاء قدير .. وبالإجابة جدير.
إخوتاه ..
هذه الشهور والأعمال والليالي والأيام كلها مقادير للآجال، ومواقيت للأعمال، ثم تنقضي سريعًا، وتمضي جميعًا، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها باقٍ لا يزول، ودائمٌ لا يحول؛ هو في جميع الأوقات إلهٌ واحد، ولأعمال عباده رقيبٌ مشاهد.
فسبحان من قلَّبَ عباده في اختلاف الأوقات بين وظائف الخَدَم؛ ليسبغَ عليهم فيها فواضل النعم، ويعاملهم بنهاية الجود والكرم.
لما انقضت الأشهر الثلاثة الكرام التي أولها الشهر الحرام، وآخرها شهر