(6) في صيام هذه الأيام الستة من شوال استدراكٌ لما فات العبد من وظائف الصيام، من وظائف إصلاح نفسه، وإقامتها على أمر الله -عز وجل-، ومن الوظائف المرجوة كذلك من الصيام من الإحسان إلى الفقراء، ومن إدراك نعمة الله -عز وجل- في الأموال، ومن شكر نعم الله -عز وجل-، ومن تخلي العبد للذكر والفكر، فإن شأنه في الفطر أن يكون مشغولًا عن الذكر والفكر، والصيام معينٌ له على ذكر الله -عز وجل- والتفكر في آخرته.
(7) في صيام أيام شوال إعلانٌ ببقاء وظائف العبادة ما بقى العبد دهرَه؛ فليست تذهب مع المواسم الطاعات؛ بل إن ذهبت المواسم فلا يزال الله عز وجل أهل العفو وأهل المغفرة، ولاتزال مغفرة الله -عز وجل- وعفوه يُرْجَوان بالعبادة من الصيام والقيام، فما تنقضي أبد الدهر وظيفةُ الصيام، وما تنقضي مدة حياة العبد وظيفة القيام وتلاوة القرآن.
(8) في صيام هذه الأيام من شوال، وفي إتباعها رمضان من غير مهلة ولا تراخ، إعلان بعدم سآمة العبد من العبادة، وأنه لم ينتظر ذهاب رمضان وانقضائه، وأنه ما مَلَّ وقوفه بباب ربه، وما سَئِمَ التعرض لفضله وعطائه ونواله، وأنه لايزال باقيًا مُصِرًّا، باقيا على وظيفة العبادة، مصرًّا على التعرض لفضل الله -عز وجل- وعطائه.
مسألة قضاء رمضان أولًا أم ست من شوال؟
عن أم سلمة أنها كانت تأمر أهلها: من كان عليه قضاء من رمضان أن يقضيه الغد من يوم الفطر، فمن كان عليه قضاء من شهر رمضان فليبدأ بقضائه في شوال؛ فإنه أسرع لبراءة ذمته، وهو أوْلى من التطوع بصيام ستٍّ من شوال، فإن العلماء اختلفوا فيمن عليه صيام مفروض، هل يجوزَ أن يتطوع قبله أم لا؟، وعلى قول من جوز التطوع قبل القضاء فلا يحصل مقصود صيام ستة أيام من شوال إلا لمن أكمل صيام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال.