فضلها عظيم، وخيرها عميم، وكيف لا وقد شهدت نزول القرآن الكريم، الذي يقود من اعتصم به إلى جنات الخلد والنعيم، كفى بقدر ليلة القدر أنها خيرّ من ألف شهر، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1 - 5].
ليلةٌ مباركة، من حُرم خيرَها فقد حُرم الخيرَ كُلَّه؛ ولذلك يستحب للمسلم الحريص على طاعة الله أن يحييها إيمانًا وطمعًا في أجرها العظيم، بالقيام والذكر والقرآن والدعاء، ومن فعل ذلك غفر له كل ما مضى من ذنوبه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قام ليلة القدر إيمانًا وإحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه" (?).
ويستحب فيها الدعاء والإكثار منه، وخاصة بما جاء عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدر؛ ماذا أقول؟، قال - صلى الله عليه وسلم -: "قولي: اللَّهم انك عَفُوٌ تحب العفو فاعف عني" (?).
وقد كان السلف يخصون ليلة القدر بمزيد اهتمام؛ فكان ثابت البُناني يلبس أحسن ثيابه، ويتطيب، ويطيِّب المسجد بالنُّضُوح والدُخْنَة في الليلة التي يُرجى فيها ليلة القدر.
وكان لتميم الداري - رضي الله عنه - حُلَّهٌ اشتراها بألف درهم، وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القمر.