فقد أقبلت التجارة الرابحة، من لم يربح في رمضان متى يربح، من لم يتب فيه إلى مولاه؛ فهو على بُعْدِهِ لا يبرح.
كم يُنَادي: حي على الفلاح وأنت خاسر، كم تدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر، إذا رمضانُ أتى مقبلًا فأَقْبِل فبالخير يُستقبَل، لعلك تخطئه قابلًا وتأتي بَعْدُ فلا تُقبل.
إخوتاه .. من يضمن أن يعيش إلى رمضان؟!، كم من آمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أملُه؛ فصار قبله إلى ظلمة القبر! كم مستقبلٍ يومًا لا يستكمله، ومؤمِّلٍ غدًا لا يدركه!!
إِخوتاه ..
تالله لو قيل لأهل القبور تمنوا لتمنوا يومًا من رمضان ..
قيل: الشهور الاثنا عشر كمثل أولاد يعقوب عليه السلام، وشهر رمضان بين الشهور كيوسف بين إخوته، فكما أن يوسف أحب الأولاد إلى يعقوب، كذلك رمضان أحب الشهور إلى علام الغيوب.
إن كان في يوسف من الحلم والعفو ما غمر جفاهم حين قال: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92]؛ فذلك شهر رمضان فيه من الرأفة والبركات والنعمة والخيرات، والعتق من النار، والغفران من الملك القهار، ما يغلب جميع الشهور.
جاء إخوة يوسف معتمدين عليه في سد الخلل، وإزاحة العلل بعد أن كانوا خطايا زلل، فأحسن لهم الإنزال، واْصلح لهم الأحوال، وبلغهم غاية الآمال، وأطعمهم في الجوع، وأذن لهم في الرجوع، وقال لفتيانه: {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ في رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا} [يوسف: 62]، فسدَّ الواحدُ خَلَلَ أَحَدَ عَشَر؛