يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره" (?)، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه "كان يخلط العشرين الأُوَل بصلاةٍ ونوم، فإذا دخل العشر؛ لم يَذُق غَمْضًا" (?)، طوى فراشه، واعتزل نسائه، وأحيا ليله، واجتهد في دعاء ربه.

وقد كان السلف إذا دخلت العشر؛ رفعوا الهمة إلى منتهاها، وبذلوا كل الطاقة، وكيف لا والعشر هي آخر السباق.

قال طلحة بن عبيد الله: إن الخيل إذا قاربت رأس مجراها؛ أخرجت كل ما عندها.

فالسعيد من اغتنم موسم العمر قبل ذهابه، وحاسب نفسه قبل قراءة كتابه، وراقب مولاه مراقبة من يعلم أنه يراه في ذهابه وإيابه.

فينبغى إخوتاه أن نراعي هذا الفضل مدةَ عمرنا, ولا نضيِّع هذه الليالي المباركات، التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قطعًا أن ليلة القدر فيها؛ فلعل أحدنا يكون قد مات قبل أن يدرك العشر الأواخر في العام القادم: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر: 56 - 57]، أو تقول: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73].

إخوتاه ..

الله سبحانه وتعالى يقول: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

الله سبحانه وتعالى يقول: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015