به وإيحاشًا من خلقه، ويا من إليه التجائي في شدتي ورجائي؛ ارحم غربتي، وهب لي من المعرفة ما أزداد به يقينًا, ولا تكلني إلى نفسي الأمارة بالسوء طرفة عين.
• إلهي .. لو أصبتُ مَوْئِلًا في الشدائد غيرَك، أو ملجَأ في المنازل سواك، لحُقَّ لي أن لا أعرض إليه بوجهي عنك، ولا أختاره عليك؛ لقديم إحسانك إلى وحديثه، وظاهر منتك عليَّ وباطنها, ولو تقطعت في البلاد إربًا إربًا، وانصبت عليَّ الشدائد صبًّا صبًّا, ولا أجد مشتكئ غيرك، ولا مُفَرِّجًا لما بي عني سواك، فيا وارث الأرض ومَن عليها، ويا باعث جميع من فيها؛ ورَّث أملي فيك مني أملي، وبلِّغ همي فيك منتهى وسائلي.
نعم إخوتاه:
هذه أدعية سلفنا .. ما أطيبَها .. ما أرقَّها .. ما أطيبَ أملَهم في المناجاة، ما أقربهم من طريق النجاة، ما أقل ما تعبوا، وما أيسر ما نصبوا، وما كان إلا القليل ثم نالوا ما طلبوا، لو ذاق الغافل شراب أنسِهم في الظلام، أو سمع الجاهل صوت حنينهم في القيام، وقد نصبوا لما انتصبوا له الأقدام، وترنموا بأشرف الذكر وأحلى الكلام، وضربوا على شواطئ أنهار الصدق الخيام، وركزوا على باب اليقين بالحق الأعلام، وزمُّوا مطايا الشوق إلى دار السلام، وسارت جنود حبهم والناس في الغفلة نيام، وشكَوْا في الأسحار ما يلقَوْن من وقع الغرام، ووجدوا من لذة الليل ما لا يخطر على الأوهام، وإذا أسفر النهار تلقَوْهُ بالصيام، وصابروا الهواجر بهجر الشراب وترك الطعام، وتدرعوا دروعَ التقى خوفًا من الزلل والآثام، فنورهم يُخجلُ شمسَ الضحى وُيزري بدرَ التَّمَام، فلأجلهم تَنْبُتُ الأرض، ومن جَرَّاهم يجري الغَمَام، وبهم