وكان - صلى الله عليه وسلم - يُؤتى إليه بطعامه وشرابه إلى معتكفه، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحافظ على نظافته؛ إذ كان يُخرِج رأسَهُ إلى حجرة عائشة - رضي الله عنها - لكي تُرَجِّل له شعرَه، فعنها - رضي الله عنها -: "أنها كانت تُرَجِّل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض، وهو معتكفٌ في المسجد، وهي في حجرتها، يناولها رأسه" (?).
وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة؛ وذلك من أجل التركيز والانقطاع الكُليِّ لمناجاة الله -عز وجل-، ففي الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يُعَرِّج يسأل عنه" (?)، وأيضًا عنها أنها قالت: "السُّنَّة في الاعتكاف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع".
وكان أزواجه - صلى الله عليه وسلم - يزرنه في معتكفه، وحدث أنه خرج يوصِّل إحداهن إلى منزلها وكان ذلك لضرورة، إذ كان الوقت ليلًا، فرأى - صلى الله عليه وسلم - أن خروجه معها - رضي الله عنها - لا بد في ذلك الليل، فخرج معها من معتكفه؛ ليوصلها إلى بيتها.
وخلاصة القول: إن هديه - صلى الله عليه وسلم - في اعتكافه كان يتسم باليسر، فقد كان جُلُّ وقته مُكثٌ في المسجد، وإقبالٌ على طاعة الله -عز وجل-، وترقبٌ لليلة القدر.
(1) تحري ليلة القدر.
(2) الخَلوة بالله -عز وجل-، والانقطاع عن الناس ما أمكن؛ حتى يتم أنسه بالله -عز وجل- وذكره.