فإن قيل: فما موضع الجار والمجرور في قولهم: "أحسن بزيد"؟ قيل: موضعه الرفع؛ لأنه فاعل "أَحسِن" لأنه لَمّا كان فعلاً، والفعل لا بد له من فاعل، جعل الجار والمجرور في موضع رفع؛ لأنه فاعل، قال الله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} 1 أي: وكفى الله وليًّا، وكفى الله نصيرًا /والباء زائدة/2؛ فكذلك -ههنا- الباء زائدة؛ لأن الأصل في: "أحسِن بزيد: أحْسَنَ زيد" أي: صار ذا حسن، ثم نُقِلَ إلى لفظ الأمر، وزِيدَت الباء عليه.
فإن قيل: فَلِمَ زيدت الباء /عليه/3؟ قيل: لوجهين؛ أحدهما: أنه لَمَّا كان لفظ فعل التَّعجب لفظ الأمر، فزادوا الباء فرقًا بين لفظ الأمر الذي للتعجب، وبين لفظ الأمر الذي لا يراد به التعجب.
والوجه الثاني: أنه لما كان معنى الكلام "يا حسن اثبت بزيد" أدخلوا الباء؛ لأن "أثبت" يتعدى بحرف الجر؛ فلذلك، أدخلوا الباء. وقد ذهب بعض النحويين إلى أن الجارّ والمجرور في موضع النصب؛ لأنه يقدِّر في الفعل ضميرًا هو4 الفاعل، كما يقدَّر في: "ما أحسن زيدًا" وإذا قُدِّر -ههنا- في الفعل ضمير، هو الفاعل، وقع الجار والمجرور في موضع المفعول، فكانا في موضع نصب، والذي اتفق عليه أكثر النحويين هو الأول، وكان الأول هو الأولى5؛ لأن الكلام إذا كان مستقلاً بنفسه من غير إضمار، كان أولى مما يفتقر إلى إضمار، ثم حَمْلُ: "أحْسِن بزيد" على: "ما أحْسَنَ زيدًا" في تقدير الإضمار لا يستقيم؛ لأن "أَحْسَنَ" إنما أضمر فيه لتقدم "ما" عليه؛ لأن "ما" مبتدأ، و"أَحْسَنَ" خبره، ولا بد فيه من ضمير يرجع إلى المبتدأ، بخلاف: "أَحْسِنْ بزيد" فإنه لم يَتَقَدَّمْه ما يوجب تقدير الضمير، فبان الفرق بينهما؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.