أفعله" لا يخرجه عن كونه فعلاً، وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاة في المسائل الخلافية1.
[فعل التعجب منقول من الفعل الثلاثي وعِلَّة ذلك]
فإن قيل: فلِمَ كان فعل التعجب منقولاً من الثلاثي دون غيره؟ قيل لوجهين:
أحدهما: أن الأفعال على ضربين؛ ثلاثي ورباعي، فجاز نقل الثلاثي إلى الرباعي؛ لأنك تنقله من أصل إلى أصل، ولم يجز نقل الرباعي إلى الخماسي؛ لأنك تنقله من أصل إلى غير أصل؛ لأن الخماسي ليس بأصل.
والوجه الثاني: أن الثلاثي أخف من غيره، فلما كان أخف من غيره، احتمل زيادة الهمزة، وأما ما زاد على الثلاثي فهو ثقيل، فلم يحتمل الزيادة.
[لِمَ كانت الهمزة أولى بالزيادة]
فإن قيل: فلِمَ كانت الهمزة أولى بالزيادة؟ قيل: لأن الأصل في الزيادة حروف المد واللين؛ وهي: الواو، والياء، والألف، فأقاموا الهمزة مقام الألف، لأنها قريبة من الألف، وإنما أقاموها مقام الألف؛ لأن الألف لا يُتَصَوَّر الابتداء بها؛ لأنها لا تكون إلا ساكنة، والابتداء بالساكن محال، فكان تقدير زيادة الألف -ههنا- أولى؛ لأنها أخف حروف العلة، وقد كثرت زيادتها في هذا النحو؛ نحو: أبيض، وأسود، وما أشبه ذلك.
[انتصاب الاسم بفعل التعجب وعِلَّة ذلك]
فإن قيل: فبماذا ينتصب الاسم في قولهم: "ما أحسنَ زيدًا"؟ قيل: ينتصب لأنه مفعول أحسن؛ لأن "أحسن" لما ثُقِّل بالهمزة، صار متعديًا، بعد أن كان لازمًا، فتعدّى إلى زيد، فصار زيد منصوبًا بوقوع الفعل عليه.
[عدم اشتقاق فعل التعجب من الألوان والخلق وعِلَّة ذلك]
فإن قيل: فلِمَ لا يشتق فعل التعجب من الألوان والخلق؟ قيل: لوجهين:
أحدهما: أن الأصل في أفعالها أن تستعمل على أكثر من ثلاثة أحرف، وما زاد على ثلاثة أحرف لا يُبنى منه فعل التعجب.