فإن قيل: فلِمَ ركّبوه مع المفرد المذكر دون المؤنث والمثنى والمجموع؟ قيل: لأن المفرد المذكور هو الأصل، والتأنيث والتثنية والجمع كُلُّها فرع عليه، وهي أثقل منه، فلّما أرادوا التركيب؛ كان تركيبه مع الأصل الذي هو الأخفّ، أولى من تركيبه مع الفرع الذي هو الأثقل.
[حبّذا في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد]
فإن قيل: فلِمَ كانت حبّذا في التثنية والجمع والتأنيث على لفظ واحد؟ قيل: إنما كانت كذلك؛ نحو حبَّذا الزيدان، وحبذا الزيدون، وحبذا هند؛ لأنها جرت في كلامهم مجرى المثل، والأمثال لا تتغيَّر، بل تلزم سننًا واحدًا، وطريقة واحدة.
فإن قيل فما الغالب على "حبَّذا" الاسمية أو الفعلية؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب أكثرهم إلى أن الغالب عليها الاسمية، وذلك؛ لأن الاسم أقوى من الفعل، فلمّا رُكّب أحدهما مع الآخر، كان التغليب للأقوى الذي هو الاسم دون الأضعف الذي هو الفعل؛ وذهب بعضهم إلى أن الغالب عليها الفعليّة /وذلك/1؛ لأن الجزء الأول منهما فعل، فغلب عليها الفعليّة؛ لأن القوة للجزء الأول؛ وذهب آخرون إلى أنها لا يغلب عليها اسمية ولا فعلية، بل هي جملة مركبة من فعل ماضٍ، واسم هو فاعل، فلا يغلَّب أحدهما على الآخر.
[بمَ يرتفع الاسم المعرفة بعد حبّذا؟]
فإن قيل: فلماذا2 يرتفع المعرفة بعده؛ نحو: "حبَّذا زيد"؟ قيل: لخمسة أوجه:
الوجه الأول: أن يجعل حبذا مبتدأ، وزيد خبره.
والوجه الثاني: أن تجعل: ذا مرفوعًا بـ "حبَّ" ارتفاع الفاعل بفعله، وتجعل زيدًا بدلاً منه.
والوجه الثالث: أن تجعل زيدًا خبرًا مبتدأ محذوف، كأنه لَمّا قيل: من هو؟ قيل: زيد؛ أي: هو زيد.
والوجه الرابع: أن تجعل زيدًا مبتدأ، وحبَّذا خبره.