موقعها، وحذف القول /بها/1 في كتاب الله تعالى، وكلام العرب، وأشعارهم أكثر من أن يحصى، فدخل حرف الجر على هذه الأفعال لفظًا، ولكن إن كان حرف الجر داخلاً على هذه الأفعال في اللفظ، إلا أنه داخل على غيرها في التقدير، فلا يكون فيه دليل على الاسمية.
وأما قولهم: إن العرب تقول: يا نعم المولى، و/يا/2 نعم النصير، والنداء من خصائص الأسماء، فنقول: المقصود بالنداء محذوف للعلم به، والتقدير فيه: يا الله، نعم المولى، ونعم النصير أنت. وأما قولهم: إنه لا يحسن اقتران الزمان بهما، ولا يجوز تصرفهما؛ فنقول: إنما امتنعا من اقتران الزمان الماضي والمستقبل بهما، وسُلبا التصرف؛ لأن نعم موضوعة لغاية المدح، وبئس موضوعة لغاية الذم، فجعل دلالتهما على الزمان مقصورة على الآن؛ لأنك إنما تمدح /أ/ و3 تذم بما هو موجود في الممدوح /أ/و4 المذموم لا بما كان فزال، ولا بما سيكون في المستقبل. وأما قولهم: إنه قد جاء عن العرب أنهم قالوا: نعيم الرّجل زيد، فنقول: هذه رواية شاذة تفرد بها قطرب وحده، ولئن صحت فليس فيها حجة؛ لأن هذه الياء نشأت عن إشباع الكسرة؛ لأن الأصل في: نِعْمَ: نَعِمَ بفتح النون وكسر العين، وأشبعت الكسرة؛ فنشأت الياء، وهذا كثير في كلامهم، فإن5 كل ما كان على /وزن/6 "فَعِلَ" من الأسماء والأفعال، وثانيه حرف من حروف الحلق؛ ففيه أربعة أوجه:
أحدها: استعماله على أصله؛ كقولك: فَخِذَ، وقد ضَحِك.
والثاني: إسكان عينه تخفيفًا؛ كقولك: فَخْذ، وقد ضحْك.
والثالث: إتباع فائه عينه في الكسر؛ كقولك: فِخِذ، وقد ضِحِك.
والرابع: كسر فائه، وإسكان عينه لنقل كسرتها إلى الفاء؛ نحو قولك: فِخْذ، وقد ضِحْك، فكذلك نِعْمَ فيها أربع لغات: "نَعِمَ" بفتح النون وكسر العين: وهو الأصل، و"نَعْم" بفتح النون وسكون العين، و"نِعِم" بكسر النون والعين، و"نِعْم" بكسر النون وسكون العين، وأما "نعيم" بالياء، فإنما نشأت