معها فيه؛ لأن الكلامين صواب، ولا ينكر تكرار1 ما يقتضي الصَّواب، فلذلك، افترق الحكم فيهما.
[أم متصلة ومنقطعة]
وأمَّا "أم" فتكون على ضربين؛ متصلة، ومنقطعة؛ فأمَّا المتصلة، فتكون بمعنى أي نحو: "أزيد عندك أم عمرو" أي: "أيهما عندك". وأمَّا المنقطعة، فتكون بمنزلة "بل والهمزة"؛ كقولهم: "إنها لإبل أم شاء"؛ والتقدير فيه: "بل أهي شاء" كأنه رأى أشخاصًا، فغلب على ظنه أنها إبل، فأخبر بحسب ما غلب على ظنِّه، ثم أدركه الشَّك، فرجع إلى السؤال والاستثبات، فكأنه قال: "بل أهي شاء" ولا يجوز أن تقدر "بل" وحدها والذي يدل على ذلك قوله تعالى: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} 2 ولو كان بمعنى "بل" وحدها؛ لكان التقدير بل له البنات ولكم البنون وهذا كفر /محض/3؛ فدل على أنها بمنزلة "بل والهمزة".
[إمَّا ليست حرف عطف]
فأمَّا "إما" فليست حرف عطف؛ ومعناها كمعنى "أو" إلا أنها أقعد في باب الشك من "أو" لأنَّ "أو" يمضي صدر الكلام4 معها على اليقين، ثُم يطرأ الشك من آخر الكلام إلى أوله، وأمَّا "إما" فيُبنى الكلام معها من أوله على الشك؛ وإنما قلنا: إنها ليست حرف عطف؛ لأنَّ حرف العطف، لا يخلو إمَّا أن يعطف مفردًا على مفردٍ، أو جملةً على جملةٍ؛ فإذا قلت: "قام إمَّا زيدٌ وإمَّا عمرٌو" لم تعطف مفردًا على مفردٍ، ولا جملةً على جملةٍ، ثُمَّ لو كانت حرف عطف؛ لما جاز أن يتقدم على الاسم؛ لأنَّ حرف العطف لا يتقدم على المعطوف عليه، ثُمَّ لو كانت -أيضًا- حرف عطف لما جاز أن يجمع بينها5 وبين الواو، فلمَّا جمع بينهما، دلَّ على أنها ليست حرف عطف؛ لأن حرف العطف، لا يدخل على مثله؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.