اسرار العربيه (صفحة 203)

الباب السادس والأربعون: باب البدل

[الغرض في البدل]

إن قال قائل: ما الغرض في البدل؟ قيل: الإيضاح ورفع الالتباس، وإزالة التوسع والمجاز.

[أضرب البدل]

فإن قيل: فعلى كم ضربًا البدل؟ قيل: على أربعة أضرب؛ بدل الكل من الكل، وبدل البعض من الكل، وبدل الاشتمال، وبدل الغلط. فأمَّا بدل الكل من الكل؛ فكقولك1: "جاءني أخوك زيدٌ، ورأيت أخاك زيدًا، ومررت بأخيك زيد" قال الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 2؛ وبدل البعض من الكُل؛ كقولك: "جاءني بنو فلان ناس منهم" ولابد أن يكون فيه ضمير يعلقه بالمبدل منه؛ قال الله تعالى: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} 3. وأما قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 4 فـ"من استطاع" بدل من الناس، وتقديره: "من استطاع سبيلاً منهم" فحذف الضمير للعلم به. وأمَّا بدل الاشتمال؛ فنحو قولك: "سُلب زيدٌ ثوبُه، ويعجبني عمرو عقلُه" ولابد فيه -أيضًا- من ضمير يعلقه بالمبدل منه؛ قال الله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} 5. فقوله: " قتال فيه" بدل من الشهر، والضمير فيه عائد إلى الشهر، فأمَّا قول الشاعر6: [الطويل]

لقد كان في حولٍ ثواءٍ ثَوَيتُهُ ... تُقضى لُبَانَاتٌ وَيَسْأَمُ سَائِمُ7

طور بواسطة نورين ميديا © 2015