قيل: لأنَّ "النفس، والعين" يدلان على حقيقة الشيء، و"كلهم، وأجمعون" يدلان على الإحاطة والعموم، والإحاطة والعموم يدلان على محاطٍ به، فكان فيهما معنى التَّبَع، و"النفس، والعين" ليس فيهما معنى التبع، فكان تقديمها أولى؛ وقدّم "كلهم" على "أجمعين"؛ لأن معنى الإحاطة في "أجمعين" أظهر منه1 في "كلهم"؛ لأنَّ أجمعين من الاجتماع، وكل لا اشتقاق له؛ وأما ما بعد "أجمعين" فتبع لأجمعين2، وإنما كان كذلك3؛ لأنهم كرهوا إعادة /لفظ/4 "أجمعين" فزادوا ألفاظًا بعد "أجمعين" تبعًا له؛ لأنها5 لا معنى لها سوى التبع؛ فلهذا، وجب أن تكون بعد "أجمعين".
[أجمع وجمعاء وجُمع معارف وعلّة ذلك]
فإن قيل: "أجمع، وجمعاء، وجُمع" هل هُنَّ5 معارف أو6 نكرات؟ قيل: هي7 معارف، والذي يدل على ذلك، أنها تكون تأكيدًا للمعارف؛ نحو: "جاء الجيش أجمع، ورأيت القبيلة جمعاء، ومررت بهن جُمع" فلما كانت تأكيدًا للمعارف؛ دل على أنها معارف.
[علة كون الألفاظ السابقة غير مصروفة]
فإن قيل: فَلِمَ كانت غير مصروفة8؟ قيل: أما "أجمع" فللتعريف ووزن الفعل، وأما "جمعاء" فلألف9 التأنيث؛ نحو: "صحراء" وأما "جُمع" فللتعريف والعدل عن جمع10 "جمعاء" وقياسه: "جمع: كحُمر" فَعُدِل وحُرِّك؛ فاجتمع /فيه/11 العدل والتعريف؛ (فلذلك لم ينصرف، والذي عليه الأكثرون هو الأول) 12. وأما "كلا، وكلتا" ففيهما إفراد لفظي، وتثنية معنوية، والذي يدلُّ على ذلك، أنهما تارة يرجع13 الضمير إليهما بالإفراد اعتبارًا