طرفي الشيء، فلا يتصور أن يكون طرف الشَّيء من غيره، فلو قلت: "جاء الرجال حتى النساءُ" لجعلت النِّساء غاية للرجال ومنقطعًا1 لهم، وذلك محال.
والوجه الثالث: أن تكون حرف ابتداء كـ"أما"؛ نحو: "ضرب القوم، حتى زيد ضارب، وذهبوا، حتى عمرو ذاهب" قال الشعر 2: [الطويل]
فما زالت القتلى تَمُجُّ دماءَها ... بدجلة حتى ماءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ 3
وقال الآخر4: [الطويل]
مطوت بهم حتى تكلَّ ركابهم ... وحتى الجيادُ ما يُقَدنَ بأرسانِ5
[لا محل من الإعراب للجمل بعد حتى]
فإن قيل: فهل يكون للجملة بعدها موضع من الإعراب /أو لا/6؟ قيل: لا يكون للجملة بعدها موضع من الإعراب؛ لأنَّ الجملة إنما يحكم لها بموضع من الإعراب إذا وقعت موقع المفرد، نحو7 أن تقع وصفًا؛ نحو /قولك/8: "مررت برجل يكتب" أو حالاً؛ نحو: "جاءني زيد يضحك" أو خبر مبتدأ، نحو: "زيد يذهب" وإذا 9 لم تقع -ههنا- موقع المفرد فينبغي ألا يحكم لها بموضع من الإعراب؛ فهذه الأوجه الثلاثة التي في "حتى"، وقد تجتمع كُلُّها في مسألة واحدة؛ نحو قولهم: "أكلت السمكة حتى رأسِهَا، وحتى رأسُهَا، وحتى رأسَهَا" بالجر، والرفع، والنَّصب، فالجر على أن تجعل /حتى/10 حرف