بعد "مِن" في السؤال، جاز تقدير "مِن" في الجواب، وإذا حذفت "مِنْ" في السؤال؛ تضمَّنت النكرة معنى الحرف؛ فوجب أن تُبنى؛ وأما المعرفة، فلا تقع بعد "مِنْ" في الاستفهام، ألا ترى أنك لا تقول: "هل من زيد في الدار" فإذا لم تقع بعد "مِنْ" في السؤال، لم يجز تقدير "مِنْ" في الجواب، وإذا لم يجز تقدير "مِنْ" في الجواب؛ لم يتضمَّن المعرفة معنى الحرف؛ فوجب أن يبقى على أصله في الإعراب؛ فأمَّا قول الشاعر1: [الرجز]
لا هيثمَ الليلة في المطيّ ... [ولا فتى مثل ابن خيبري] 2
فإنما جاز؛ لأن التقدير/فيه/3: "لا مثل هيثم" فصار في حكم النَّكرة، فجاز أن يُبنى مع "لا"، وعلى هذا قولهم: "قضية ولا أبا حسن لها"؛ أي: ولا مثل أبي حسن، ولولا هذا التقدير؛ لوجب الرفع مع التكرير4؛ نحو: "لا زيد عندي ولا عمرو".
[وجوب التكرير في المعرفة]
فإن قيل: فَلِمَ وجب التكرير في المعرفة؟ قيل: لأنه جاء مبنيًّا على السؤال؛ كأنه قال: "أزيد عندك أم عمرو"؟ فقال: "لا زيد عندي ولا عمرو"؛ والدليل على أن السؤال في تقدير التكرير: أنَّ المفرد لا يفتقر إلى ذكره في الجواب، ألا ترى أنه إذا قيل: "أزيد عندك"؟ كان الجواب أن تقول: "لا" من غير أن تذكره، كأنَّك قلت: "لا أصل لذلك". فأمَّا قولهم: "لا بدَّ لك5 أن