والوجه الثالث: أنه بُني على الضم؛ لأنه لَمّا كان غاية يتمّ بها الكلام، وينقطع عندها، أشبه "قبلُ وبعدُ" فبنوه على الضَّمِّ كما بنوهما على الضَّمِّ.
[علة مجيء صفته مرفوعة أو منصوبة]
فإن قيل: فَلِمَ جاز في وصفه الرفع والنصب؛ نحو: "يا يزيدُ الظريفُ والظريفَ"؟ قيل: جاز الرفع حملاً على اللفظ، والنصب حملاً على الموضع، والاختيار عندي، هو النصب؛ لأن الأصل في وصف المبنيّ هو الحمل على الموضع، لا على اللفظ.
فإن قيل: فلِمَ جاز الحمل -ههنا- على اللفظ، وضمَّةُ زيد ضمة بناء، وضمة الصفة ضمة إعراب؟ قيل: لأن الضَّمَّ لَمَّا اطَّرد في كل اسم مُنادى /مفرد/1 أشبه الرفع للفاعل؛ لاطِّراده فيه، فلمّا أشبه الرفع؛ جاز أن يتبعه الرّفعُ، غير أن هذا الشبه لم يخرجها عن كونها ضمَّة بناء، وأن الاسم مبنيّ؛ فلهذا، كان الأقيس هو النصب، ويجوز الرفع عندي على تقدير: مبتدأ محذوف؛ والتقدير فيه: "أنت الظريف" ويجوز النصب على تقدير فعل /محذوف/2؛ والتقدير فيه: "أعني الظريف"، ويؤيد الرفع فيه بتقدير المبتدأ، والنصب له بتقدير الفعل أنَّ المنادى أشبه الأسماء المضمرة، والأسماء المضمرة لا تُوصف.
[علة جواز العطف بالرفع والنصب على المنادى المفرد]
فإن قيل: فَلِمَ جاز في العطف -أيضًا- الرفع والنصب؛ نحو: "يا زيدُ والحارثُ /والحارثَ/3"؟ قيل: إنما جاز الرفع والنصب على ما بينا في الوصف من الحمل تارةً على اللفظ، وتارةً على الموضع؛ قال الله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} 4 و"الطير" بالرفع والنصب، فمن قرأ بالرفع، حمله على اللفظ، ومن قرأ بالنصب، حمله على الموضع.
[علة كون المضاف والنكرة منصوبين]
فإن قيل: فلِمَ كان المضاف والنكرة منصوبين؟ قيل: لأنَّ الأصل في كل منادى أن يكون منصوبًا؛ لأنه مفعول؛ إلا أنه عرض في المفرد المعرفة ما يوُجب بناءه؛ فبقي ما سواه على الأصل.