الباب الحادي والعشرون: باب الإغراء
[علة قيام بعض الظروف والحروف مقام الفعل]
إن قال قائل: لِمَ أقيم بعض الظروف والحروف مُقام الفعل؟ قيل: طلبًا للتخفيف؛ لأن الأسماء، والحروف أخف من الأفعال، فاستعملوها1 بدلاً عنها طلبًا للتخفيف.
فإن قيل: فَلِمَ كثر في "عليك وعندك ودونك" خاصة؟ قيل: لأن الفعل إنما يضمر إذا كان عليه دليل من مشاهدة حال، أو غير ذلك، فلما2 كانت "على" للاستعلاء، والمستعلي يُشاهد من تحته، و"عند" للحضرة، ومن بحضرتك تشاهده، و"دون" للقرب، ومن بقربك3 تشاهده؛ فصار4 هذا بمنزلة مشاهدة حال تدل عليه، فلهذا أقيمت مُقامَ الفعل.
[علة كون الإغراء للمخاطب دون الغائب والمتكلم]
فإن قيل: فَلِمَ خُصَّ به المخاطب دون الغائب والمتكلم؟ قيل: لأن المخاطب يقع الأمر له بالفعل من غير لام الأمر؛ نحو: قم، واذهب؛ فلا يفتقر إلى لام الأمر، وأما الغائب والمتكلم فلا يقع الأمر لهما إلا باللام؛ نحو: "ليقم زيد، ولأقم معه" فيفتقر إلى لام الأمر؛ فلما أقاموها مقام الفعل؛ كرهوا أن يستعملوها للغائب والمتكلم؛ لأنها تصير قائمة مقام شيئين؛ اللام والفعل، ولم يكرهوا ذلك في المخاطب؛ لأنها تقوم مقام شيء واحد، وهو الفعل؛ وأما قوله عليه السلام: "ومن لم يستطع /منكم/5 الباءة فعليه بالصوم6، فإنه له