السامع من طلبه في خبط عشواء، وربما طمس بكثرة ما يتكلفه على المعنى وأفسده، كمن ثقل العروس بأصناف الحلى حتى ينالها من ذلك مكروه في نفسها».
هذا وقد فصلت الكلام على هذه القضية مرارا في تعليقاتي على هذا الكتاب، وفيما كتبته من قبل في رسالتي للماجستير عن الجهود البلاغية للإمام الطيبي (?)، وغيرها من كتبي، وأمر آخر مما يحمد لعبد القاهر في هذا الكتاب وهو تناوله لمباحث علمي البديع والبيان بلا فصل بينهما فهي لديه جميعا مجرد أساليب لغوية بلاغية ينبغي على البلاغي أن يقف أمامها بالتحليل الأدبي البلاغي الذي يوازن فيها بين الصياغة التعبيرية الأسلوبية التي تشكلت بها تلك الفنون والأساليب وبين المعاني الفنية التي تدل عليها، بلا تفريق بين تلك المباحث وبغير تشتيت للنظر بوضع الحدود المصطنعة بينها بلا داع ولا ضرورة تملها النظرة البلاغية الأدبية، اللهم إلا أن تكون النظرة المنطقية العقلانية المتجردة المهوّمة في خيالات العقول بغير مطابقة لحقيقة تلك الفنون، ولا مناسبة لطبيعتها. والحق أننا هنا لسنا بصدد تعداد مظاهر الجودة والتوفيق في هذا السفر العظيم فهي عديدة تنأى عن الحصر، وقد كتب في دراستها وتحليلها أسفار عديدة، وسيقف القارئ بنفسه على كثير من تلك الفوائد والأسرار كلما نظر في هذا الكتاب ثم راح يوازن بينه وبين ما انتهت إليه أحدث النظريات الأسلوبية والبلاغية في علوم البلاغة والأسلوب.
أما عن منهجنا في تحقيق هذا الكتاب فيتلخص في تلك النقاط:
1 - ضبط متن الكتاب اعتمادا على نسخه المتداولة لا سيما نسختي الشيخ (رشيد رضا) ونسخة الشيخ (محمود
شاكر) وهي أجود طبعات الكتاب وتحقيقاته.
2 - تخريج جميع شواهد الكتاب ونصوصه القرآنية والحديثية والشعرية في مصادرها الأصلية ما أمكن مع الاهتمام بعزو الشواهد الشعرية إلى مصادرها التي استشهدت بها في كتب البلاغة العربية لخدمة القارئ إذا ما أراد الوقوف على وجه الاستشهاد بالبيت أو جمع كلام البلاغيين في الاستشهاد به.