أو مفعولا ثانيا لباب «علمت»، لأن هذه الأبواب كلها أصلها مبتدأ وخبر أو يكون «حالا»، لأن الحال عندهم زيادة في الخبر. فحكمها حكم الخبر فيما قصدته هاهنا خصوصا، والاسم إذا وقع في هذه المواضع، فأنت واضع كلامك لإثبات معناه، وإن أدخلت النّفي على كلامك تعلّق النفي بمعناه.

تفسير هذه الجملة: أنك إذا قلت: «زيد منطلق»، فقد وضعت كلامك لإثبات الانطلاق لزيد. ولو نفيت فقلت: «ما زيد منطلقا»، كنت نفيت الانطلاق عن زيد. وكذلك: «أكان زيد منطلقا»، و «علمت زيدا منطلقا»، و «رأيت زيدا منطلقا»، أنت في ذلك كلّه واضع كلامك ومزج له لتثبت الانطلاق لزيد، ولو خولفت فيه انصرف الخلاف إلى ثبوته له. وإذا كان الأمر كذلك، فأنت إذا قلت:

«زيد أسد» و «رأيته أسدا»، فقد جعلت اسم المشبّه به خبرا عن المشبّه. والاسم إذا كان خبرا عن الشيء كان خبرا عنه، إمّا لإثبات وصف هو مشتقّ منه لذلك الشيء، كالانطلاق في قولك: «زيد منطلق»، أو إثبات جنسية هو موضوع لها كقولك:

«هذا رجل». فإذا امتنع في قولنا: «زيد أسد» أن تثبت شبه الجنس، فقد اجتلبنا الاسم لنحدث به التشبيه الآن، ونقرّره في حيّز الحصول والثبوت. وإذا كان كذلك، كان خليقا بأن تسمّيه تشبيها، إذ كان إنما جاء ليفيده ويوجبه.

وأمّا الحالة الأخرى التي قلنا: «إن الاسم فيها يكون استعارة من غير خلاف»، فهي حالة إذا وقع الاسم فيها لم يكن

الاسم مجتلبا لإثبات معناه للشيء، ولا الكلام موضوعا لذلك، لأن هذا حكم لا يكون إلا إذا كان الاسم في منزلة الخبر من المبتدأ.

فأمّا إذا لم يكن كذلك، وكان مبتدأ بنفسه، أو فاعلا أو مفعولا أو مضافا إليه، فأنت واضع كلامك لإثبات أمر آخر غير ما هو معنى الاسم.

بيان ذلك: أنك إذا قلت: «جاءني أسد» و «رأيت أسدا» و «مررت بأسد»، فقد وضعت الكلام لإثبات المجيء واقعا من الأسد، والرؤية والمرور واقعين منك عليه.

وكذلك إن قلت: «الأسد مقبل»، فالكلام موضوع لإثبات الإقبال للأسد، لا لإثبات معنى الأسد. وإذا كان الأمر كذلك، ثم قلت: «عنّت لنا ظبية»، و «هززت سيفا صارما على الأعداء» وأنت تعني بالظبية امرأة، وبالسيف رجلا لم يكن ذكرك للاسمين في كلامك هذا لإثبات الشّبه المقصود الآن. وكيف يتصوّر أن تقصد إلى إثبات الشبه منهما بشيء، وأنت لم تذكر قبلهما شيئا ينصرف إثبات الشبه إليه، وإنما تثبت الشّبه من طريق الرجوع إلى الحال، والبحث عن خبئ في نفس المتكلم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015