الخط الأسفل. أما أمر «التعريق» وإخراجه من التشبيه فواضح، لأن الوصل يسقط التعريق أصلا، وأما الخط الثاني
فهو، وإن كان لا بد منه مع الوصل. فإنه إذ قال:
«لو زادها عينا إلى فاء ورا» ثم قال: «فاتصلت بالجيم»، فقد بيّن أن هذا الخط الثاني خارج أيضا من قصده في التشبيه، من حيث كانت زيادة هذه الحروف ووصلها هي السبب في حدوثه. وينبغي أن يكون قوله: «بالجيم»، يعني بالعطفة المذكورة من الجيم. ولأجل هذه الدقة قال: «يقول من فيها بعقل فكّرا»، فمهّد لما أراد أن يقول، ونبّه على أنّ بالمشبّه حاجة إلى فضل فكر، وأن يكون فكره فكر من يراجع عقله ويستعينه على تمام البيان.
وجملة القول أنك متى زدت في التشبيه على مراعاة وصف واحد أو جهة واحدة، فقد دخلت في التفصيل والتركيب، وفتحت باب التفاضل، ثم تختلف المنازل في الفضل، بحسب الصّورة في استنفادك قوّة الاستقصاء، أو رضاك بالعفو دون الجهد.
اعلم أن مما يزداد به التشبيه دقّة وسحرا، أن يجيء في الهيئات التي تقع على الحركات. والهيئة المقصودة في التّشبيه على وجهين:
أحدهما: أن تقترن بغيرها من الأوصاف كالشكل واللون ونحوهما.
والثاني: أن تجرّد هيئة الحركة حتى لا يراد غيرها. فمن الأوّل قوله:
والشمس كالمرآة في كفّ الأشل أراد أن يريك مع الشّكل الذي هو الاستدارة، ومع الإشراق والتلألؤ على الجملة، الحركة التي تراها للشمس إذا أنعمت التأمّل، ثم ما يحصل في نورها من أجل تلك الحركة. وذلك أن للشمس حركة متصلة دائمة في غاية السرعة، ولنورها بسبب تلك الحركة تموّج واضطراب عجب، ولا يتحصل هذا الشبه إلا بأن تكون المرآة في يد الأشلّ، لأن حركتها تدور وتتصل ويكون فيها سرعة وقلق شديد، حتى ترى المرآة، لا تقر في العين وبدوام الحركة وشدة القلق فيها يتموج نور المرآة، ويقع الاضطراب الذي كأنه يسحر الطّرف، وتلك حال الشمس بعينها حين تحدّ النظر وتنفذ البصر، حتى تتبيّن الحركة العجيبة في جرمها وضوئها، فإنك ترى شعاعها كأنه يهمّ بأن ينبسط حتى يفيض من جوانبها، ثم يبدو له فيرجع في الانبساط الذي بدأه، إلى انقباض كأنه يجمعه