اسرار البلاغه (صفحة 56)

ومن ذلك أن فاض موضوع لحركة الماء على وجه مخصوص، وذلك أن يفارق مكانهُ دَفْعَةً فينبسط، ثم إنه استعير للفجر، كقوله:

كالفَجْرِ فَاضَ على نُجُوم الغَيْهبِ

لأن للفجر انبساطاً وحالةً شبيهة بانبساط الماء وحركته في فَيْضِهِ، فأما استعارة فاض بمعنى الجُود، فنوع آخر غير ما هو المقصود ها هنا، لأن ألقصد الآن إلى المستعار الذي تُوجد حقيقة معناه من حيث الجنس في المستعار له، وكذلك قول أبي تمام:

وقَدَ نَثَرَتْهُمْ رَوْعَةٌ ثُمّ أَحْدَقُواْبِهِ مِثْلَمَا أَلَّفَتْ عِقْدَاً مُنْظَّمَا

وقول المتنبي:

نَثَرَتْهُمْ فَوقَ الأُحْيَدِبِ نَثْرَةً ... كما نُثِرَتْ فوق العَرُوسِ الدَّراهِمُ

استعارة، لأن النثر في الأصل للأجسام الصغار، كالدراهم والدنانير والجواهر والحبوب ونحوها، لأن لها هيئةً مخصوصةً في التفرق لا تَأْتِي في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015