اسرار البلاغه (صفحة 51)

الجمحي أستشيره في امرأة أردت التزوج بها فقال: أقصيرة هي أم غير قصيرة؟ قال: فلم أفهم ذلك، فقال لي: كأنك لم تفهم ما قلتُ، إنّي لأعرف في عين الرَّجل إذا عرف، وأعرفُ فيها إذا أنكر، وأعرفُ إذا لم يعرف ولم ينكر، أمَّا إذا عرف، فإنها تخَاوَصُ، وإذا لم يعرف ولم ينكر فإنها تَسْجُو، وإذا أنكر فإنها تجحظُ، أردت بقولي قصيرة، أي هي قصيرة النسب تُعَرف بأبيها أو جَدّها. قال الشيخ أبو الحسن: وهذا من قول النسّابة البكري لرؤبة بن العجاج لما أتاه فقال له من أنت؟ قال رؤبة بن العجاج فقال قَصُرتَ وعُرِفتَ. قال: وعلى هذا المعنى قول

رؤبة: ؤبة:

قد رَفَعَ العجَّاج ذكري فادعُنِي ... باسْمٍ إذا الأنساب طالت يَكْفِنِي

وأمر العين أظهر من أن تحتاج فيه إلى دليل، ولكن إذا جرى الشيء في الكلام هو دعوى في الجملة، كان الآنس للقارئ أن يقترن به ما هو شاهد فيه، فلم يُرَ شيءٌ أحسنَ من إيصال دعوى ببرهان. وإذا كان أمرُ الفعل في الاستعارة على هذه الجملة، رجَع بنا التحقيق إلى أنّ وصف الفعل بأنه مستعارٌ، حكمٌ يرجع إلى مَصْدره الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015