ولا تقول هي زائدة في مثل، إذ لو جاز ذلك، لجاز أن يقال إنّ ما في فبما رحمة، مزيدةٌ في الرحمة، أو في الباء وأن لا مزيدة في يعلم، وذلك بَيِّنُ الفساد، لأن هذه العبارة إنما تصلح حيث يُرَاد أن حرفاً زيد في صيغة اسم أو فعل، على أن لا يكون لذلك الحرف على الانفراد معنًَى، ولا تعُدّه وحده كلمةً، كقولك: زيدت الياء للتصغير في رُجيل، والتاء للتأنيث في ضَارِبَة، ولو جاز غيرُ ذلك، لجاز أن يكون خبر المبتدأ إذْ حُذف في نحو: زيد منطلق وعمرو، محذوفاً من المبتدأ نفسه، على حدِّ حذف اللام من يَدٍ ودَمٍ، وذلك ما لا يقوله عاقل، فنحن إذا قلنا إن الكاف مزيدة في مثل، فإنما نعني أنها لمّا زيدت في الجملة وُضعت في هذا الموضع منها، والأَصحُّ في العبارة أن يقال: الكاف في مثل مزيدة، يعني الكاف الكائنة في مثل مزيدةٌ، كما تقول الكاف التي تراها في مثل مزيدةٌ وكذلك تقول: حُذِفَ المضافُ من الكلام، ولا تقول: حذف المضاف من المضاف إليه، وهذا أوضح من أن يخفى، ولكنيِّ استقصيتُه، لأني رأيت في بعض العبارات المستعملة في المجاز والحقيقة ما يُوهم ذلك فاعرفه. ومما يجب ضبطه هنا أيضاً: أن الكلام إذا امتنعَ حمله على ظاهره حتى يدعو إلى تقديرِ حذفٍ، أو إسقاطِ مذكورٍ، كان على وجهين: أحدهما أن يكون امتناع تركه على ظاهره، لأمرٍ يرجع إلى غرض المتكلم، ومثاله الآيتان المتقلدم تلاوتهما، ألا ترى أنك لو رأيت اسأل القرية في غير التنزيل، لم تقطع بأن هاهنا محذوفاً، لجواز أن يكون كلام رجل مرَّ بقرية