فإن قلت: أَو ليس يُقال إن الكلمة لا تَعْرَى من فائدة مّا، ولا تصير لَغْواً على الإطلاق، حتى قالوا إنّ ما في نحو فبما رحمة من اللَّه، تفيد التوكيد. فأنا أقول إنَّ كونَ مَا تأكيداً، نقلٌ لها عن أصلها ومجازٌ فيها، وكذلك أقول: إن كون الباء المزيدة في ليس زيد بخارج، لتأكيدِ النفي، مجازٌ في الكلمة، لأن أصلها أن تكون للإلصاق فإنّ ذلك على بُعده لا يقدح فيما أردتُ تصحيحَه، لأنه لا يُتصوَّر أن تصفَ الكلمة من حيث جُعلت زائدة بأنها مجازٌ، ومتى ادّعينا لها شيئاً من
المعنى، فإنَّا نجعلها من تلك الجهة غير مزيدة، ولذلك يقول الشيخ أبو علي في الكلمة إذا كانت تزولُ عن أصلها من وجه ولا تزول من آخر مُعْتدٌّ بها من وجهٍ، غيرُ مُعْتدٍّ بها من وجهٍ، كما قال في اللاّم من قولهم: لا أبا لِزَيْدٍ، وجعلها من حيث مَنعت أن يتعرَّف الأبُبزيدٍ، معتدّاً بها من حيث عارضها لام الفعل من الأب التي لا تعود إلا في الإضافة نحو: أبو زيد وأبا زيد، غير معتدٍّ بها، وفي حكم المُقحَمة الزائدة، وكذلك توصف لا في قولنا مررت برجلٍ لا طويلٍ ولا قصيرٍ، بأنها مزيدةٌ ولكن على هذا الحدّ، فيقال: هي مزيدة غيرُ مُعْتدٍّ بها من حيث الإعراب، ومعتدٌّ بها من حيث أوجبت نفي الطول والقِصَر عن الرجل، ولولاها لكانا ثابتين له.