وأصلَه، فالحذفُ بمجرَّده لا يستحقّ الوصف به، لأنَّ تَرْك الذكر وإسقاطَ الكلمة من الكلام، لا يكون نقلاً لها عن أصلها، إنما يُتصوَّر النقل فيما دخل تحت النطق، وإذا امتنع أن يوصف المحذوفُ بالمجاز، بقي القولُ فيما لم يحذف، وما لم يُحْذَف ودخل تحت الذكر، لا يزول عن أصله ومكانه حتى يُغيَّر حُكمٌ من أحكامه أو يغيَّر عن مَعَانيه، فأما وهو على حاله، والمحذوفُ مذكورٌ، فتوهُّمُ ذلك فيه من أبعد المحال فاعرفه. وإذا صحَّ امتناعُ أن يكون مجرَّدُ الحذفِ مجازاً، أو تحِقَّ صفةُ باقي الكلام بالمجاز، من أجل حذفٍ كان على الإطلاق، دون أن يحدُث هناك بسبب ذلك الحذف تغيُّرُ حكمٍ على وجهٍ من الوجوه علمتَ منه أنّ الزيادة في هذه القضية كالحذف، فلا يجوزُ أن يقال إن زيادة ما في نحو: " فَبِمَا رَحْمَةٍ " " آل عمران: 951 " مجازٌ، أو أن جملة الكلام تصير مجازاً من أجل زيادته فيه، وذلك أنّ حقيقة الزيادة في الكلمة أنْ تَعْرَى من معناهَا، وتذكرَ ولا فائدة لها سوى الصّلة، ويكون سقوطُها وثبوتُها سواءً، ومحالٌ أن يكون ذلك مجازاً، لأن المجاز أن يُراد بالكلمة غير ما وُضِعت له في الأصل أو يُزَادَ فيه أو يُوهَم شيءٌ ليس من شأنه، كإيهامك بظاهر النَّصب في القرية أن السؤال واقعٌ عليها، والزائد الذي سقوطه كثبوته لا يُتصوَّر فيه ذلك. فأمَا غير الزائد من أجزاء الكلام الذي زِيدَ فيه، فيجب أن يُنظَر فيه، فإن حدَثَ هناك بسبب ذلك الزائِد حكمٌ تزول به الكلمة عن أصلها، جاز حينئذٍ أن يُوصَف ذلك الحكم، أو ما وَقَع فيه، بأنه مجاز،