إذا نظرتَ إلى المعاني التي وصلت بين ما هي له، وبين ما رُدَّت إليه، وجدتها أقوى من نحو ما تراه في تسميتهم الشاةَ التي تُذبَح عن الصبيِّ إذا حُلِقَتْ عقيقتُه، عقيقةً وتجد حالها بعدُ أقوى من حال العَقِيرة، في وقوعها للصوت في قولهم: رَفع عقِيرته، وذلك أنَّه شيء جرى اتفاقاً، ولا معنَى يصل بين الصَّوت وبين الرِجْل المعقورة، على أن القياس يقتضي أن لا يسمَّى مجازاً، ولكن يُجرَى مُجْرَى الشيء يُحكَى بعد وُقُوعه، كالمَثَل إذا حُكَي فيه كلامٌ صَدَر عن قائله من غير قَصْدٍ إلى قياس وتشبيه، بل للإخبار عن أمر مَن قَصَده بالخطاب كقولهم: الصَّيْفَ ضَيَّعَتِ اللَّبن، ولهذا الموضع تحقيق لا يتمّ إلاّ بأن يوضع له فصل مُفْرَدٌ. والمقصود الآن غير ذلك، لأن قصدي في هذا الفَصْل أن أبيّن أن المجازَ أعمُّ من الاستعارة، وأن الصحيح من القضيّة في ذلك: أن كلَّ استعارةٍ مجازٌ، وليس كلُّ مجازٍ استعارة، وذلك أنّا نرى كلامَ العارفين بهذا الشأن أعني علم الخطابة ونَقْدِ الشعر، والذين وضعوا الكتب في أقسام البديع، يجري على أن الاستعارة نقلُ الاسم من أصله إلى غيره للتشبيه على حدِّ المبالغة،