وإمَّا أنه يكون قد عُلم من اعتقاد المتكلِّم أنه لا يُثبت الفعل إلا للقادر، وأنه ممن لا يعتقد الاعتقادات الفاسدة، كنحو ما قاله المشركون وظَنّوه من ثُبوت الهلاكِ فعلاً للدهر، فإذا سمعنا نحو قوله:
أشاب الصغيرَ وأَفْنَى الكبي ... رَ كرُّ الغَداة ومرُّ العَشِي
وقولِ ذي الإِصبع:
أهْلَكَنَا الليلُ والنهارُ مَعًا ... والدَّهْرُ يَعْدُو مُصمِّماً جَذَعَا
كان طريق الحكم عليه بالمجاز، أن تعلم اعتقادَهم التوحيدَ، إما بمعرفة أحوالهم السابقة، أو بأن تجد في كلامهم من بَعْدِ إطلاق هذا النحو، ما يكشف عن قصد المجاز فيه، كنحو ما صَنَع أبو النجم، فإنه قال أوّلاً:
قَدْ أصبحَتْ أمُّ الخِيارِ تَدَّعي ... عليَّ ذَنْباً كلُّه لم أَصْنعِ
مِن أنْ رأت رأسِي كرأسِ الأصْلِع ... مَيَّزَ عنه قُنْزُعًا عن قُنْزُعِ
مرُّ الليالي أبْطئي أو أسرعِي