يديها، ولن ترمي بها إلى قُدّام، ولن تشدَّ اعتمادها، حتى تثبُت في الموضع الذي تقع عليه فلا تزول عنه ولا تنثني وأعود إلى المقصود، فإذا كان لا تشبيهَ حتى يكون معك شيئان، وكان معنى الاستعارة أن تُعِير المشبَّه لفظ المشبَّه به، ولم يكن معنا في صاغ الربيعُ أو حاك الربيعُ إلا شيء واحدٌ، وهو الصَّوْغ أو الحَوْك، كان تقدير الاستعارة فيه محالاً جارياً مجرى أن تشبّه الشيء بنفسه، وتجعل اسمَهُ عاريَّة فيه، وذلك بيّنُ الفساد، فإن قلت: أليس الكلام على الجملة معقوداً على تشبيهِ الربيع بالقادر، في تعلُّق وجود الصوغ والنسج به؟ فكيف لم يَجُزْ دخول كأنّ في الكلام من هذه الجهة. فإن هذا التشبيه ليس هو التشبيه الذي يُعقَد في الكلام ويُفادُ بكأن والكاف ونحوهما، وإنما هو عبارة عن الجهة التي راعاها المتكلم حين أَعْطَى الربيع حكم القادر في إسناد الفعل إليه، وِزَانُه وِزَانُ قولنا: إنهم يشبّهون ما بليس، فيرفعون بها المبتدأ وينصبون بها الخبر فيقولون: ما زيدٌ منطلقاً، كما يقولون: ليس زيد منطلقاً، فنُخبر عن تقديرٍ قدّروه في نفوسهم، وجهةٍ راعَوْها في إعطاء ما حكم ليس في العمل، فكما لا يُتصوَّر أن يكون قولنا: ما زيد منطلقاً، تشبيهاً على حدّ كأَنَّ زيداً الأسد، كذلك لا يكون صاغ الربيعُ من التشبيه، فكلامنا إذَن في تشبيه مَقُولٍ منطوقٍ به، وأنت في تشبيه معقولٍ غيرِ داخلٍ في النطق، هذا وإن يكن هاهنا تشبيهٌ، فهو في الربيع