على ما ليس بحياة، تشبيهاً وتمثيلاً، ثم اشتُقّ منها - وهي في هذا التقدير - الفِعْلُ الذي هو أحيا، واللغة هي التي اقتضتْ أن تكون الحياة اسماً للصِّفة التي هي ضدُّ الموت، فإذا تُجُوّز في الاسم فأُجري على غيرها، فالحديثُ مع اللغة فاعرفه. إن قال قائلٌ في أصل الكلام الذي وضعتُه على أن المجاز يقع تارة في الإثبات، وتارة في المُثْبَت، وأنه إذا وقع في الإثبات فهو طالع عليك من جهة العقل، وبادٍ لك من أُفُقِهِ وإذا عرض في المُثَبت فهو آتيك من ناحية اللغة: ما قولكم إن سَوَّيتُ بين المسألتين، وادَّعيت أن المجاز بينهما جميعاً في المثبَت وأُنزِّل هكذا فأقول: الفِعْل الذي هو مصدر فَعَلَ قد وُضع في اللغة للتأثير في وجود الحادث، كما أن الحياة موضوعة للصفة المعلومة، فإذا قيل فَعَلَ الرَّبيع النّوْرَ، جُعِلَ تعلُّقُ النَّور في الوجود بالربيع من طريق السَّبب والعادة فعلاً، كما تجعَل خُضرة الأرض وبهجتها حياةً، والعلم في قلب المؤمن نُوراً وحياة، وإذا كان كذلك، كان المجاز في أن جعل ما ليس بفعل فعلاً، وأُطلق اسم الفعل على غير ما وُضع له في اللغة، كما جعل ماليس بحياة حياةً وأجري اسمها عليه، فإذا كان ذلك مجازاً لغويّاً فينبغي أن يكون هذا كذلك. فالجواب إنّ الذي يدفع هذه الشبهة، أن تنظر إلى مدخل المجاز في المسألتين، فإن كان مدخلهما من جانب واحدٍ، فالأمر كما ظننتَ، وإن لم يكن كذلك استبان لك الخطأ في ظنّك،