فقد قالوا إنه أراد أن يقول: بساقِ وقَدَمٍ، فلما لم تطاوعه القافية وضع الحافرَ موضع القدم، وهو وإن كان قد قال بعد هذا البيت ما يدلُّ على قَصْدِه أن يُحسنَ القولََ في الضيف، ويُباعده من أن يكون قَصَدَ الزراية عليه، أو يَحولَ حول الهزء به والاحتقار له، وذلك قوله:
فقلتُ له أهْلاً وسَهلاً ومَرْحباً ... بهذا المُحيّا من مُحَيٍّ وزائرِ
فليس بالبعيد أن يكون فيه شوبٌ مما مضى، وأن يكون الذي أفضى به إلى ذكر الحافر، قَصْدُه أن يصفه بسوء الحال في مسيره، وتقاذُفِ نواحي الأرض به، وأن يُبالغ في ذكره بشدّة الحرص على تحريك بَكْره، واستفراغ مجْهودهِ في سيره، ويُؤنِس بذلك أن تنظر إلى قوله قبل:
وأشْعَثَ مُسْتَرخِي العَلاَبِي طوَّحَتْ ... به الأرضُ من بَادٍ عَريضٍ وحاضر
فأَبْصَرَ نارِي وهي شقْراءُ أوقِدتْ ... بعَلْيَاءِ نَشْزٍ للعُيونِ النَّواظِرِ
وبعده فما رَقد الوِلْدان، فإذا جعله أشْعَثَ مسترخِي العَلاَبيّ، فقد قَرُبَت المسافة بينه وبين أن يجعل قدمه حافِراً، ليعطيه، من الصلابة وشدة الوَقع على جَنْب البكر حظّاً وافراً، وهكذا قول الآخر:
سأمنَعُها أو سوفَ أجعَلُ أمْرَها ... إلى مَلِكٍ أظْلافُهُ لم تَشَقَّق