فصل في
والاستمداد والاستعانَة
اعلم أنّ الشاعرين إذَا اتفقَا، لم يخلُ ذلك من أن يكون في الغَرَض على الجملة والعموم، أو في وجه الدلالة على ذلك الغَرض، والاشتراك في الغَرَض على العموم أن يقصد كلُّ واحد منهما وصفَ ممدوحه بالشجاعة والسخاء، أو حُسن الوجه والبهاء، أو وصفَ فرسه بالسرعة، أو ما جرى هذا المجرى. وأمّا وجه الدِّلاَلة على الغرض، فهو أن يَذْكر ما يُستدلّ به على إثباته له الشجاعةَ والسخاء مثلاً، وذلك ينقسم أقساماً: منها التشبيهُ بما يوجَد هذا الوصف فيه على الوجهِ البليغ والغاية البعيدةِ، كالتشبيه بالأسد، وبالبحر في البأس والجود، والبَدْر والشَّمسِ في الحسن والبهاء والإنارة والإشراق، ومنها ذكر هَيْئاتٍ تدلّ على الصِّفة من حيث كانت لا تكون إلا فيمن له الصِّفة، كوصف الرَّجل في حال الحرب بالابتسام وسكون الجوارح وقلَّة الفكر، كقوله:
كأنّ دَنَانِيراً عَلى قَسماتِهم ... وإنْ كان قَدْ شفَّ الوُجُوهَ لِقاءُ