يوجب ذكرُه القصدَ إلى الشيء في نفسه، فإذا قلت زيد، عُلم أنك أردت أن تُخبر عن الشخص المعلوم، وإذا قلت لقِيت أسداً، عُلم أنك علّقت اللقاءَ بواحد من هذا الجنس، وإذا كان الأمر كذلك، ثم وجدنا الاسم في قولك عنّت ظبية، يُعقَل من إطلاقه أنك قصدت الجنس المعلوم ولا يُعلَم أنك قصدت امرأةً، فقد وقع من المرأة في هذا الكلام موقعَه من ذلك الحيوان على الصحة، فكان ذلك بمنزلةِ أن المستعير ينتفع بالمستعار انتفاعَ مالكه، فيلبَسُه لُبْسَهُ، ويتجمَّل به تجمُّلَه، ويكون مكانه عنده مكانَ الشيءِ المملوك، حتى يعتقد من يَنْظُر إلى الظاهر أنه له، ولما وجدنا الاسم في قولك زيد أسد، لا يقع من زيد ذلك الموقع، من حيث إنّ ذكرَه باسمه يمنع من أن يصير الاسم مطلقاً عليه، ومتناوِلاً له على حدّ تناوُله ما وُضع له، كان وِزانُ ذلك وِزانَ أن تضعَ عند الرجل ثوباً وتمنعَه أن يلبسه، أو بمنزلة أن تطرَحَ عليه طَرَفَ ثوبٍ كان عليك، فلا يكون ذلك عاريَّةً صحيحة، لأنك لم تُدخلْه في جملته، ولم تُعْطِه صورةَ ما يَخْتَص به ويصير إليه، ويخفَى كونُه لك دونه فاعرفه. وها هنا فصل آخر من طريق موضوع الكلام، يُبَيِّن وجوب الفرق بين القسمين: