كالجواهر تُحفَظ أعدادها، ولا يُرْجَى ازديادها، وكالأعيان الجامدة التي لا تَنْمي ولا تزيد، ولا تربح ولا تُفيد، وكالحسناء العقيم، والشجرة الرَّائقة لا تُمتِّع بجَنًى كريم. هذا ونحوه يمكن أن يُتَعلَّق به في نصرة التخييل وتفضيله، والعقل بعدُ على تفضيل القبيل الأول وتقديمه وتفخيم قدره وتعظيمه، وما كان العقلُ ناصرَهُ، والتحقيقُ شاهدَه، فهو العزيز جانبه، المنيع مَنَاكبُه، وقد قيل الباطل مخصوم وإن قُضي له، والحقّ مُفْلجٌ وإن قُضي عليه، هذا ومَنْ سلَّم أنّ المعاني المُعرِقة في الصدق، المستخرَجة من مَعْدِن الحقّ، في حكم الجامد الذي لا يَنْمِي، والمحصور الذي لا يزيد؛ وإن أردت أن تعرف بُطْلان هذه الدعوى فانظر إلى قول أبي فراس:
وكنَّا كالسهامِ إذَا أصابَتْ ... مَرَامِيَها فَرَامِيهَا أَصَابَا
ألست تراه عقليّاً عريقاً في نسبه، معترَفاً بقوّة سببه، وهو على ذلك من فوائد أبي فراسٍ التي هي أبو عُذْرِها، والسابق ُإلى إثارة سِرّها، واعلم أن الاستعارة لا تدخل في قبيل التخييل، لأن المستعير لا يقصد إلى إثبات معنى اللفظةِ المستعارة، وإنما يعمد إلى إثبات شَبَهٍ هناك، فلا يكون مَخْبَرُهُ على خلاف خَبَره، وكيف يعرض الشكُّ في أَنْ