لم يكن في معطوفها الانقطاع، وأن يكون الكلام في حكم جملتين، ألا ترى أن قولهم: لو تُرِكت النَّاقَةُ وفصيلَها لَرَضِعَها، لا يكون بمنزلة أن تقول لو تُركت الناقة ولو تُرك فصيلها، فتجعل الكلام جملتين وكذا لا يمكنك أن تقول كل رجل كذا وضيعَتُهُ كذا، فتفرَّق الخبر عنهما كما يجوز في قولك زيد وعمرو كريمان، أن تقول: زيد كريم وعمرو كريم، وهذا موضع غامض، وللكلام فيه موضع آخر، وإن أردت أن تزداد تبييناً، لأن التشبيه إذا كان معقوداً على الجمع دون التفريق، كان حالُ أحد الشيئين مع الآخر حالَ الشَّيء في صلة الشيء وتابعاً له ومبنيّاً عليه، حتى لا يُتصوَّر إفراده بالذكر، فالذي يُفضي بك إلى معرفة ذلك أنك تجد في هذا الباب ما إذا فُرّق لم يَصْلُح للتشبيه بوجْهٍ، كقوله:
كأنَّما المِرِّيخُ والمُشتَرِي ... قُدّامَهُ في شامِخ الرِّفعَهْ
مُنصرفٌ بالليل عن دعوةٍ ... قد أُسْرِجَت قُدَّامَهُ شَمْعَه
لو قلت كأنّ المريخ منصرفٌ بالليل عن دعوة، وتركت حديث المشتري والشَّمعة، كأن خَلْفاً من القول، وذاك أن التشبيه لم يكن للمِرِّيخ من حيث هو نفسه، ولكن من حيث الحالة الحاصلة له من كون المشترِي أمامه، وأنت وإن كنت تقول: المشترِي شمعة، على التشبيه العامِي الساذج في قولهم