وقوله:
ذَهَبَ والأعالِي حيثُ تَذْهَبُ مُقْلَةٌ ... فيه بنَاظِرِهَا حَدِيدُ الأسفلِ
ومثال ما جاء من السجع هذا المجيءَ وجرى هذا المجرى في لِين مقَادته، وحلَ هذا المحلِّ من القَبُولِ قولُ القائل: اللهم هَبْ لي حمداً، وهَبْ لِي مجداً، فلا مجدَ إلا بِفَعالٍ، ولا فَعَال إلاّ بمال، وقولُ ابن العميد: فإن الإبقاء على خَدَم السلطان عِدْلُ الإبقاء على ماله، والإشفاق على حاشيته وحَشَمه، عِدْلُ الإشفاق على ديناره ودِرْهَمه. ولستَ تجد هذا الضرب يكثُر في شيءٍ، ويستمرُّ كَثْرَته واستمرارَه في كلام القدماء، كقول خالد: ما الإنسان، لولا اللسان، إلا صورة ممثلة، وبهيمة مُهْمَلة، وقول الفضل بن عيسى الرقاشي: سَلِ الأرض فقل: مَنْ شَقَّ أنهارك، وغرسَ أشجارك، وجنى ثمارك، فإن لم تُجبك حِواراً، أجابتك اعتباراً.