تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، ومعلوم أنه تعالى ما خلق الجن والإنس إلا عبادته كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} فتكون التقوى بمضمون هاتين الآيتين هي الغاية من خلق الثقلين الجن والإنس.
ثم جاء النص في حق كل أمة ابتداء من قوم نوح عليه السلام في قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} .
وكذلك عاد لقوله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} .
وكذلك ثمود لقوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} .
وقوم لوط لقوله تعالى: {كَذَّبَتْ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} .
وأصحاب الأيكة لقوله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ لأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} .
فكل نبي يدعوا قومه إلى التقوى. وجاء القرآن كله دعوة إلى التقوى. وهداية المتقين كما في مطلع القرآن الكريم: {ألم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} ، وبيَّن نوع هدايتهم وطريقة عبادتهم: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .
فبين أن الكتاب الكريم كله إنما هو هداية للمتقين وبيان أعمالهم في العقائد والعبادات. وأنها مرتبطة بالتقوى وارتبطت بها نتائج عظام عاجلا وآجلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} حتى طريق العلم: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} ولو وقع في مأزق جاءته التقوى فأخرجته: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} . ولأن التقوى تمنح معية نصر الله للمتقين: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} .
وعلى هذا تكون التقوى مصاحبة لهم في الدنيا تصونهم وتحفظهم وتكون لهم وقاية وسترا وكلما جاء الصوم جددها وقواها واكتسبت حصانة ووقاية إلى عام قادم وهكذا كل عام في رمضان.