أي ثاني ما في اللف - وهو قوله: "بلا انحصار" فإنهم يسمونه المتواتر؛ والتواتر لغة: التتابع، وهو كون الشيء بعد الشيء بفترة، وضبطه إمام الحرمين بأنه ما يوجب العلم أي بنفسه إيجابا عاديا ولذا قلنا: "ترى به العلم اليقيني حاضرا"، أي أنه لا يختلف عنه من هذه الحيثية. وفي النخبة: أنه المفيد للعلم اليقيني بشروطه، واليقين هو الاعتقاد الجازم المطابق وهذا هو المعتمد، أن خبر التواتر يفيد العلم الضروري وهو الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكنه دفعه وبه قيدناه في النظم [كما] في أصله، وقيل: إنه لا يفيد العلم إلا نظريا. قال الحافظ: "وليس بشيء لأن العلم بالتواتر حاصل لمن ليس له أهلية النظر كالعامي إذ النظر: ترتيب أمور معلومة أو مظنونة يتوصل بها إلى علوم، أو ظنون وليس في العامي أهلية ذلك، فلو كان نظريا لما حصل لهم" انتهى وفي شرح شرح الورقات أن إمام الحرمين يقول: "إنه نظري"، وفسر كونه نظريا بتوقفه على مقدمات حاصلة عند السامع، وهي المحققة لكون الخبر متواترا من كونه خبر جمع وكونهم بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب وكونه خبرا عن محسوس لا أنه يحتاج إلى نظر عقب سماع الخبر. قال المحلي - في شرح جمع الجوامع -: "فلا خلاف في المعنى أنه ضروري لأن توفقه على تلك لا ينافي كونه ضروريا" انتهى ولا يخفى أن المتواتر على هذه الكيفية ليس من مباحث علم الإسناد إذ علم الإسناد: ما يبحث فيه عن صحة الحديث، أو ضعفه ليعمل به أو يترك من حيث صفات الرجال وصيغ الأداء والمتواتر: لا يبحث عن رجاله بل يجب العمل به من غير بحث.