أَدْنَى مِنَ الشَّجَرَةِ- لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ- وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ: لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ مِنَ الْفِدَاءِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، عن ابن مبارك، عَنِ عِكْرِمَةَ ابن عَمَّارٍ.
[236] قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى ... الْآيَةَ [70] .
(?) - قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ وَكَانَ الْعَبَّاسُ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ وَمَعَهُ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً مِنَ الذَّهَبِ، كان خَرَجَ بِهَا مَعَهُ إِلَى بَدْرٍ لِيُطْعِمَ بِهَا النَّاسَ، وَكَانَ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ ضَمِنُوا إِطْعَامَ أَهْلِ بَدْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَلَغَتْهُ النَّوْبَةُ حَتَّى أُسر، فأُخذتْ معه وَأَخَذَهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مِنْهُ. قَالَ: فَكَلَّمْتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ لِيَ الْعِشْرِينَ الْأُوقِيَّةَ الذَّهَبَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنِّي فِدَاءً، فَأَبَى عَلَيَّ وَقَالَ: أَمَّا شَيْءٌ خَرَجْتَ تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَيْنَا فَلَا. وَكَلَّفَنِي فِدَاءَ ابْنِ أَخِي عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ فِضَّةٍ فَقُلْتُ لَهُ:
تَرَكْتَنِي وَاللَّهِ أَسْأَلُ قُرَيْشًا بِكَفِّي وَالنَّاسَ مَا بَقِيتُ، قَالَ: فَأَيْنَ الذَّهَبُ الَّذِي دَفَعْتَهُ إِلَى أُمِّ الْفَضْلِ [قَبْلَ] مَخْرَجِكَ إِلَى بَدْرٍ، وَقُلْتَ لَهَا: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فِي وَجْهِي هَذَا فَهُوَ لَكِ وَلِعَبْدِ اللَّهِ وَالْفَضْلِ وقُثَم؟ قال: فقلت: وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّه بذلك. قلت: أَشْهَدُ إِنَّكَ لَصَادِقٌ، وَإِنِّي قَدْ دَفَعْتُ إِلَيْهَا بِالذَّهَبِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ الْعَبَّاسُ: فَأَعْطَانِي اللَّهُ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنِّي- كَمَا قَالَ، عِشْرِينَ عَبْدًا كُلُّهُمْ يَضْرِبُ بِمَالٍ كَثِيرٍ مكان العشرين الأوقية، وَأَنَا أَرْجُو الْمَغْفِرَةَ مِنْ رَبِّي.