أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الأزهر قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عبادة قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذَاكَ يَوْمُ أُحُدٍ بَعْدَ الْقَتْلِ وَالْجِرَاحَةِ وَبَعْدَمَا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ: "أَلَا عِصَابَةٌ تُشَدِّدُ لِأَمْرِ اللَّهِ فَتَطْلُبُ عَدُوَّهَا فَإِنَّهُ أَنَكَى لِلْعَدُوِّ وَأَبْعَدُ لِلسَّمْعِ"، فَانْطَلَقَ عِصَابَةٌ عَلَى مَا يَعْلَمِ اللَّهُ مِنَ الْجَهْدِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ جَعَلَ الْأَعْرَابُ وَالنَّاسُ يأتون عليهم، يقولون هَذَا أَبُو سُفْيَانَ مَائِلٌ بِالنَّاسِ، فَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}
قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} {179} .
قَالَ السُّدِّيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "عُرِضَتْ عَلَيَّ أُمَّتِي فِي صُوَرِهَا كَمَا عُرِضَتْ عَلَى آدَمَ، وَأُعْلِمْتُ من يؤمن لي ومن يَكْفُرُ"، فَبَلَغَ ذلك المنافقين فاستهزأوا وَقَالُوا: يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرُ، وَنَحْنُ مَعَهُ وَلَا يَعْرِفُنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: قَالَتْ قُرَيْشٌ: تَزْعُمُ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ مَنْ خَالَفَكَ فَهُوَ فِي النَّارِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، وَأَنَّ مَنِ اتَّبَعَكَ عَلَى دِينِكَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ، فَأَخْبِرْنَا بِمَنْ يُؤْمِنُ بِكَ وَمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: سَأَلَ الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يعطوا علامة يفرق بِهَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
(?) - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ} الْآيَةَ {180} .
أَجْمَعَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ.