يعتقد أَنَّه يحصل له بسببه كبير ضرر، كما أن ضرر الذباب عنده سهل، وكذا دفعه عنه “1.
وحب الدنيا والخلود إليها وإلى شهوات النفس ومن ثم كراهية الأعمال الجادة النافعة الصائبة هو سبب الشقاء كما يبين ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره” 2.
فلا بد من امتثال المأمور وترك المحظور ولا بد أن يتحلى المسلم بهاتين الخصلتين معا، والاقتصار على واحدة دون الأخرى لا يجدي ولا يحقق المطلوب، قال ابن تيمية: “ ترك المكروه بدون فعل المحبوب ليس بمطلوب وإنما المطلوب بالمقصود الأول فعل ما يحبه الله ورسوله وترك المكروه متعين كذلك به تزكو النفس فإن الحسنات اذا انتفت عنها السيئات زكت فبالزكاة تطيب النفس من الخبائث وتعظم فى الطاعات كما أن الزرع إذا أزيل عنه الدغل زكا وظهر وعظم.
فصل: وأما طريق الوصول إلى ذلك فبالاجتهاد فى فعل المأمور وترك المحظور والاستعانة به على ذلك ففي صحيح مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “المؤمن القوى خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن وإن أصابك شيء فلا تقل لو أنى فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإنّ لو تفتح عمل” 3.
وهذه المجاهدة التي ينوه بها شيخ الإسلام هي طريق السالكين إلى منازل العبودية لله رب العالمين، وقد أوضح ذلك ابن القيم رحمه الله فقال: “ في هذا المقام تفاوتت عقول الخلائق وظهرت حقائق الرجال، فأكثرهم آثر الحلاوة