ثم قارن بين الحالين حال التقاة وحال العصاة فقال {أَفَمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ} [آل عمران:162]
ثم بين أن الذنوب سبب الضعف والمصائب فقال: {أَوَلمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْليْهَا قُلتُمْ أَنَّى هَذَا قُل هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:165] في آيات مترابطة محكمة يعتبر بها أولوا الألباب.
ومن الأمثلة أيضا أن الله تعالى حذر من عواقب المعصية بكل صورها وأشكالها وأنها عواقب وخيمة ينبئ عنها أسلوب التهديد في قوله تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ} [الأنعام:120] .
وهذا ولا شك تهديد ووعيد شديد من رب الأرباب وقيوم السموات، والجزاء بالمعاصي يكون في الدنيا أو في الآخرة أو في الدارين معا أجارنا الله من ذلك، وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30]
أي ما أصابكم من مصائب الدنيا فسببها أعمالكم السيئة فضلا عن عواقبها الوخيمة في الآخرة إن لم يغفرها الله، ومثله قوله تعالى: {إِنَّ الذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الذِينَ آمَنُوا لهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلمُونَ} [النور:19] فذكر هاهنا عذاب الدنيا والآخرة لمن يعمل على نشر الفواحش في صفوف المؤمنين.
وقد يكون أثر التمادي في المعاصي وبيلا جدا قال ابن تيمية رحمه الله: “ولا ريب أن المعصية قد تكون بريد الكفر فينهى عنها خشية أن تفضي إلى الكفر المحبط كما قال تعالى: {قَدْ يَعْلمُ اللهُ الذِينَ يَتَسَللُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَليَحْذَرْ الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63] وإبليس