موجباتها، وليس هو موضوع هذا البحث، والمفهوم الخاص هو محور هذا البحث وهو ارتكاب الذنوب الصغائر والكبائر تهاونا من غير استحلال.

ومن أصول العقيدة عند أهل السنة والجماعة ـ كما هو معلوم ـ أن المسلم لا يكفر بارتكاب الكبائر ما لم يستحلها، وعلى هذا الاعتقاد مضى سلف الأمة وهو متضافر في كتب السلف متواتر بين الأجيال، قال الإمام مسلم في كتاب الإيمان: باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا فهو مؤمن، ثم أورد فيه جملة من الأحاديث النبوية الشريفة منها حديث العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا”1.

فالعصاة مهما فرطوا في جنب الله لا يزالون مسلمين ما لم تصل معصيتهم إلى كبيرة الشرك بالله تعالى أو يرتكبوا كفرا بواحا. ومع ذلك فليس العصاة كالأتقياء قال تعالى {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ وَالذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا المُسِيءُ قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ} [غافر:58]

وكل من هذه الأنواع وعد الله الجنة والمغفرة إذا تخلص من الشرك كما قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر:32 -33]

قال الامام الطبري: “ قوله تعالى {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} لأن يكون من أهل الذنوب والمعاصي التي هي دون النفاق والشرك عندي أشبه بمعنى الآية من أن يكون المنافق أو الكافر، وذلك أن الله تعالى ذكره اتبع هذه الآية قوله {جَنَّاتُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015