حين نادى أحدهم: يا للأنصار, ونادى آخر: يا للمهاجرين, فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غضبًا شديدًا, وقال: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟

ونزل الكتاب العزيز يؤكد قول الرسول الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ، وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} 1.

وهكذا كانت الفرقة والجنسيات والحدود جاهليةً أو كفرًا, وكانت الوحدة أخت الإيمان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} 2.

وامتدح الرباط الذي وحد الأمة في كتابه، فقال عن المهاجرين: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} 3.

وقال عن الأنصار: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} 4.

وهكذا قامت دولة الإسلام الأولى, تضم كل من قال: لا إله إلّا الله, بغير تفرقة لوطن, أو جنس, وبغير اعتراف بحدودٍ أو جنسية؟

وهكذا ينبغي أن نقوم مرة أخرى!

ثالثًا- سلطة تحمي الحق:

قلنا: لابد من أمة تحمل الحق, والسلطة تحمي الحق, هذه السلطة لابد لها من أمرين تقوم بهما:

1- إقامتها شريعة الله:

وهذه أساس شرعيتها الأولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015