وهذا جلال كشك، ومصطفى محمود, وغيرهم كثير.
يفتح الإسلام ذراعيه فرحًا بهم, أشد فرحًا من فرحة الأم بعودة وحيدها الغائب, أو أشد فرحًا من ظاعنٍ بالصحراء وجد بعد لأي بعيره الشارد, وهذا النجاح لا يأمن بعد ذلك رد الفعل إن لم ينتهوا ويتركوا أرض الإسلام وأبناء الإسلام, وبعض الذي سنقدم إن لم يكن أكثره كان رد الفعل, وقد بدأ, أو بدا أثره قاصرًا,
لكنه يوشك بإذن الله أن يعرف طريقه, وأن يبلغ غايته؛ ليتم الله نوره ولو كره المشركون.
ونحن نكتفي في الحديث عن الاتجاهات الإسلامية بما كان منها في هذا القرن الرابع عشر الهجريّ؛ لأن هذا هو معنى المعاصرة الذي نقصد إليه, ولن نشغل أنفسنا, ولا نشغل الناس بالحركات التي لبست ثياب الإسلام وهي تضمر له الشر, وتحمل له الحقد, فإن صبغها بصبغة الإسلام خطأ كبير1.
لكنا قد نشغل أنفسنا, ونشغل الناس بالحركات والاتجاهات القاصرة؛ لأنها وإن كانت لا تمثل الإسلام الصحيح, فإنها خطوات إليه, حَسْبُ أصحابها منها حسن النية، وحسبهم اجتهادهم, وإن أخطأوا فلهم الأجر -إن شاء الله, ثم لابد من دراستها لنتبين ما فيها من خير فنستثمره, وما فيها من سوء فنرفضه, ثم لندعوا أصحابها أن هلموا إلى الإسلام الصحيح {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} 2.
ونبدأ -بإذن الله- بهذه الاتجاهات, ثم نثني -بإذن الله- بالاتجاه الصحيح, والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليِّ العظيم.