ومظاهر الطبيعة الأخرى التي قد تعطي ظلًّا من الاختلاف؛ كالليل والنهار مثلًا, إنما تعطي الحقيقة التكامل الذي أشرنا إليه, وهو ما يشير إليه القرآن الكريم {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} 1.
ومن ثَمَّ, فلا تناقض متى وجد التكامل, بل إنها كلها تسير وفق نظامٍ رسمه لها خالقها {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} 2 ولا يقع التناقض ولا الصراع إلّا أن تخرج المادة عن نظامها الذي خلقها عليها خالقها؛ فالذرة لا تتفجر حتى يختل ترتيب الإلكترونات والبروتونات, ومثل الذرة كل مظاهر الكون والطبيعة, لا تختل حتى تخرج عن نظامها المفطور, أو مدارها المرسوم.
ومثل الطبيعة الإنسان, لا تتناقض فيه بين الذكر والأنثى, بل تكامل وتزاوج {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} 3 والتناقض والتناثر لا يتأتى إلّا أن يخرج الرجل عن طبيعته, أو تخرج المرأة عن طبيعتها, ولا تناقض داخل الإنسان نفسه, لا تناقض بين روحه وجسده, بل كذلك, تكامل وتزاوج, ولا يأتي التناقض والتنافر حتى تطغى إحدى القوتين على الأخرى.
فيتوهم الإنسان أنه يمكن أن يعيش جسدًا بغير روح يلبي رغائب الجسد وشهواته, وفي مقدمتها شهوتي البطن والفرج, وينسى أن له روحًا لها غذاءٌ ولها أشواق, ولابد معها من الضوابط للقوة الأولى؛ قوة الجسد.
أو يتوهم الإنسان أنه يمكن أن يعيش روحًا بلا جسد؛ فيعرض