...
تمهيد:
لم تتغلغل الشيوعية في الشرق الإسلاميِّ كما تغلغل الغرب, ربما لأن الأخير أسبق زمنًا وأرسخ قدمًا, وربما لأن الأخير أدرك في الوقت المناسب طبيعة هذا الشرق, فَكَفَّ عن الحرب السافرة له في عقيدته, وتلوَّنَ باسم الحضارة أو المدنية أو التغريب أو التغيير الاجتماعيّ؛ لينشر العلمانية، وتحرير المرأة، وإضعاف الدين, دون أن يشعر أكثر المسلمين.
لكن الماركسية أخطر على الشرق الإسلاميّ من الغرب, بما تحمل في أسلوبها من خداعٍ ينطلي على عامة الناس, خاصَّةً من يخاطبون أول ما يخاطبون ممن يسمونهم طبقة الصعاليك, أو "البروليتاريا", أي: طبقة العمال الكادحة, وبما تحمل من تخديرٍ لهذه الطبقة أنها إليها سيئول الحكم، وأن لها المكاسب من دون سائر الطبقات1.
ثم بما تحمل في غايتها من تحطيمٍ لعقيدة هذه الأمة, وقضاءٍ على دينها, باعتبارها في البداية وفي النهاية قائمةً على الكفر بالله, والإلحاد في أسمائه, ورفض كل الأديان، وإن اتخذت تخطيطًا مرحليًّا بعدم الهجوم على الأديان, أو الزعم بأنها تسمح لها بالوجود أو البقاء, أو التواء بهذه الأديان؛ للقول بأنها هي الأخرى اشتراكية ويسارية".. إلخ.
وهي في سبيل هذه الغاية حين يلوح لها النصر أو التمكين, تدوس كل شيء, وتهلك الحرث والنسل, وتغرق البلاد في حمامات الدم؛ لتقضي على كل خصومها؛ وليظل الردع ماثلًا لكل مَنْ تُحَدِّثُهُ نفسُه بالخروج عليها.
وقد عاشت الماركسية منذ صارت لها دولةٌ, تبذل الكثير لنشر مبادئها, ورسمت لنفسها خطة الزحف عن طريق الشعوب, أو الطبقات الكادحة؛ ليتم التغيير من القاعدة, لكنها منذ سنين قليلة